هذه المقالة أهديها لكل أم ، وأخص بذلك عضوات نادي أمومة واعية ♥️ اللواتي كن عوناً لي ولبعضهن في كثير من محطات الأمومة .
قبل أن نصبح أمهات كنا خِفافاً ولكن بعد أن صرنا صارت قلوبنا معقودةً بأرواح صغيرة
لا ننام حتى تنام ولا نفرح إلا بضحكاتهم، قبل أن نصبح أمهات كنا نملك زمام هوياتنا وهواياتنا بينما صيرتنا الأمومة
أجنحةتلتف حول صغارنا لتعلمهم الطيران.
نمد لهم أذرعتنا فيغفون في أحضاننا أينما حلو .. مابين قبل الأمومةوبعدها فروقات كثيرة بل حياة وثيرة من القلق والفرح والتعب والجهدوالمشقة و التدرجات في التعلم وإكتساب المهارات ،
بالنسبة لي لم تكن الأمومة حلماً لكنها صارت واقعاً جميلاً .. أحمد المولى عز وجل عليه كثيراً حمداً لا أحصي ثناءه ..
في عيونهم الجميلة اللامعة مرئاتي والتي تختزل بي العالم بأسره فمني يغرفون الحقائق التي لا يساومهم أحدُ عليها ومن خلالي يتعرفون على العالم الكبير ..
يقتبس أطفالنا كلماتنا في الرضا فيقول صغيري عند الرضا بعد أن يحصل على مايتمنى مبتهجاً والفرحة تتقافز من عينيه “الحمدلله “
ابتسم عندها ابتسامة الرضا من صميم قلبي ..لم يخطر ببالي أن طفلي سيردد البسملة قبل أن يدخل أوأن يرتل وهو يتلو القرءان
ومن الجميل القبيح أنهم يحفظون حتى ردود أفعالنا السريعة في الغضب ويرددون كلمات الإحباط كذلك .. لكن لا بأس هذا يساعدنا على تطوير ذواتنا وتقديم النسخة الأفضل من أنفسنا.
مراحل الحمل لا تأتي بأفراح ومسرات متتالية وكأنها تدريب لما سيأتي من مشقة بعد الولادة، ( وحملته أمه وهناً على وهن ) بعد رحلة الحمل والولادة لا تأتي رحلة التشافي وحدها ولكن رحلة أخرى لا تقل إنهاكاً عن رحلة الحمل من إرضاع الصغير والعناية به مع العناية بنفسك بعد تسعة أشهر من التغييرات السريعة المتتالية في جسدك ويتخلل هذه الصعوبات بالطبع لحظات جميلة من ابتسامات الطفل ونظراته التي تحتضن قلبك وتساندك في المتابعة والتحمل … ويتسائل العالم عن سر قوتك وصمودك ولكنهم لايدركون أنها تلك اللحظات الصغيرة المملوءة بالسكينةوالعامرة بالدفء والمغمورة بالسلام ، وهكذا يتنامى مع الأيام قلق بكر حول كل شيء جديد سيطرأ.. فمتى سيحبو طفلي ومتى سيمشي ؟ومتى سينطق كلماته الأولى ؟وتمر الأيام بسرعة البرق فيصير الرضيع طفلاً دارجاً ثم صغيراً ناشئاً .. بدءاً من مضغة صغيرة كانت تسبح في بطنك..حتى طفلا ًيحمل حقيبته ويغادرك إلى المدرسة ..مازلت اتذكر الليالي الأولى في تكون طفلي الأول داخل احشائي حينها كانت بطني مشدودة ًللغاية ولكن المشاغب أبى إلا أن يخربشه معلناً بذلك تمرده وصخبه على عالمي ليخربش الجدران و يلطخ مرءآتي بأقلام الشفاة فيما بعد ، كنت استمتع بحركاته وركلاته،انتظر قفزاته بلهفة وانصت لحوارمليء بالترقب في سكون الكون إلا من صغيرٍ قادم يضيء كوني. وعبر معالجة سلوكيات طفلك تشفى جراحك أنت وتستقيم مشاعرك وتسكن روحك ، ففي تربيتتك الحانية والتي تلامس طفلك الصغير انت تحتضن أيضاً طفلك الداخلي وتطبطب عليه كما تفعل تماماً مع طفلك الذي يغفو في أحضانك،
بالطبع ثمة لحظات لجية خانقة في الأمومة تتبدل حسب مرحلتهم العمرية وتطوراتهم ونضجهم العقلي، وحسب شخصية الطفل وتكوينه الفرداني، هناك أطفال يسحبونك للموج اللجي بصراخهم وآخرون بأفعالهم المدمرة والعبثية، لكن هناك دائماً طوق نجاة يخفف العبء ،قد يكون مكالمة مع شخص نثق به ونحبه أو آية تربت على أكتافنا وتهديءمن روعنا أو استشارة نسمعها تعالج المشكلة أو شيئاً في نفوسنا،ربما تكون أيضاً كتاب تربوي ممتع نقرأه يجدد العزم فينا ويساعدنا على التخطي أو حوار مثمر مع الأمهات الواعيات، مادمنا أحياء فإنا قادرين، مادمنا لا نيأس فستثمر الأيام لا محالة.
يجرح الألم لأطفالنا قلوبنا .. وانه لأمر جلل أن يتألم طفلك وخاصةَ دون أن تنتبه، ولأمر يفطر قلبي أن يتصبر طفلي ويتجلد ولا أفهم ألمه! كنت قبل الإنجاب أتأمل صورة نشرت في وسائل التواصل لأم تتألم نيابة عن طفلها في عيادة عند الطبيب وهو يخزه بالأبرة، كنت عندها اتعجب وشعرت أن الأم كانت في غاية الرهافة ولكن وبعد أن صرت أماً فهمت جيداً بأن قلوب الأمهات تتشابه، وان الألم الغائر الذي لا نهاية له هو ألم الأم على طفلها، ولولا ربط الله على قلوبنا لهلكنا .. لولا حنان الله وطمأنته ولطفه الخفي لجزعنا وماصبرنا ولحملنا أنفسنا مالانطيق .
وفي كل يوم يكبر فيه طفلك وتزيد خطواته ثباتاً تتسع في روحك مساحات ماكنت تبصرها، رغبة قوية في أن تسانده للأبد ولآخر نفس لك في الحياة ستسانده بكل قوة ولكن مع فرحة غامرة بأن اجنحته الجميلة صارت أقوى وأنك حين تغفو سيكون قادراً على إسنادك يوماً ما .
ثمة اقتباس بليغ يصف الوالدية بتشبيه معجز لجبران خليل جبران في كتابه النبي حيث يقول “أنتم الأقواس، منها ينطلق أبناؤكم سِهاماً حَيَّةوالرامي يرىالهدف قائمًا على طريق اللانهاية ، ويشدّكم بقدرته حتى تنطلق سهامه سريعة إلى أبعد مدی . ولیکن انحناؤكم في يد الرامي عن رضا وطيبنفسٍ؛لأنه كما يُحب السهم الطائر، كذلك يُحب القوسَ الثابتة”.
بالنسبة لي، أصعب التربية هي الفطام، وتختلف قابلية الأطفال له ومدى حساسيتهم نحوه، وأتنفس الصعداء بعد كل فطام ، أولاً عن حليب الأم ثم عن الحليب في الرضاعات ثم حتى عن الحليب المعلب ثم عن الحفاظات وهلم جرا .. وفي لحظة تأمل كنت أفكر أن الفطام بالنسبةلصغار مماثل للعادات التي تدرج ضمن الروتين اليومي والتي تشكل رتم الحياة الخاص بنا نحن الكبار، وحتى يتسنى لنا التخلي عن العادات التي لا نحبذها علينا مزاحمتها بإستخدام قانون الإزاحة بعادات صحية محببة قدر الإمكان،فمثلا من الممكن استبدال المشروبات الضارة بمشروبات لذيذة أقل ضرراً مع استخدام التموية لدماغ حتى تتقبلها النفس كأن نضع قوالب الثلج في الكأس الزجاجي الأنيق ويتسنى لنا الاستمتاع بشربه عن طيب خاطر حتى يغيب سحر المشروب الضار مع الأيام بينما يتألق مشروبنا الجديد في أعلى قائمة مشروباتناالمفضلة✨ أما بالنسبة للأطفال فالأمر متروك على شخصية الطفل وسماته الخاصة، فبعض الأطفال يتقبلون الفطام بنفسٍ راضية بينما يعترض الآخر ويزعج الوالدين أو احدهمها ببكاءه المتكرر ومزاجه المتعكر ..لكن الجميل أنها مسألة وقت ويتأقلم مع الروتين والعادات الجديدة.