هل كان “يوسف ” عليه السلام هيناً عند الله حين لبث في السجن بضع سنين بعد أن مكرت له امرأة العزيز لما استعصم؟  فنكلت به حين أخرجته على النسوة الاتي قطعن أيديهن؟ أم كان عليه السلام هيناً  عند الله قبل ذلك  حين تكابل عليه إخوته حسداً واجمعوا أن يجعلوه في غَيبات الجب؟ أبداً !وحاشاه !

هو عند الله الكريم فطمأنه وهو في الجب

وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ”

ثم مكرله “والله أسرع مكرا” سبحانه فنصره بل و مكنه ” وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

صار يوسف عزيز مِصر ونبياً وأمينا يدير خزائن الأرض ! وجعل اسمه خالداً في سورة باسمه من كتابه الحكيم،وقصته عليه السلام تُتلى في بيوت الله وبيوت الحكمة!فلما تبين  لإخوته عاقبة مكرهم السيء ” قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين”فكان رد الحكيم الذي صان رابط الدم ”
قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”  كانت فرصة ذهبية لتَشفي يايوسف!  

فتأمل معي هل كان ضعيفاً حين عفا عنهم؟ أم هل كان عاجزاً عن الإنتقام؟ كلا! ، بل كان قوياً متمكناً بعد أن من الله عليه بفضله ! تأمل معي سنة الله التي لا تبديل لها “لا يحيق المكر السيء إلا بأهله” ! المكر حيلة الضعيف لأن القوي شريف يقاتل حين يتساوى مع خصمه في القوة ..القوي نبيل لا يطعن في الظهر ، القوي عالم يعلم أن “فوق كل ذي علم عليم” لذا لا يطغى على علم الله وقانونه وعدله ” ومامن غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين”  القوي مُحسن فإن الأيام دول يداولها الله بين الناس “إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين”.

 

*

هذه التدوينة ليست تفسيراً فلست عالمة بل هي تأملاتي في بعض الآيات من سورة يوسف ، أتدبر منها قبس الحكمة الغائبة عنا كثيراً في هذا الزمان، حيث تقلبت مفاهيم القوة بسبب الجهل، فظن الظان أن العفو والتغافل ضعف وأن سوء الخلق والفحش قوة! كذلك قد يظن الآدمي بضعفه أن الإبتلاء عقوبة وكم من بلاء في باطنه الرحمة وتدبير الله ولطفه.

 

اكتب تعليقك