في التدوينة السابقة كنتم معي بكل حب وشغف من المطبخ أما اليوم فسأنقلكم إلى مشهدٍ بسيط قد حصل في مكان قريب منه حيث غرفة الضيوف،فبينما نتناول أنا وضيفتي الشاي مع كيك الجزر بكريمة الجبنة والجوز والذي على مايبدو لي أنه نال إستحسانها فسألتني عن سر نجاحه ، وضيفتي بالمناسبة سيدة ماهرة في إعداد الأطباق المتوازنة النكهات واللذيذة! لكنها استطردت بأن الكيك يهبط في كل مرةٍ تخبزه،لا اخفيكم سراً لم أستطع كتمان التعجب! ولكني استبطئت الإجابة محاولة إستنباط السبب!!
حسناً قد يكون ذلك منطقياً من حيث شخصيتها وهي السيدة المهووسة بالتحكم والسيطرة فسألتها
عن ما إذا كانت تفتح باب الفرن بينما تُخبز الكيكة؟
أجابتني مع نصف ابتسامة كمن التقط الطٌعم بإختياره:
_ “صحيح …نعم اعتدت أن أفتحه مراراً”!
نيتها دون أدنى شك طيبة وهي ببساطة شديدة التأكد من نضج الكيك !
ومع هذا فإن الكيك لم ينجح !لأنها أختارت التدخل في كل مراحله! أو أنها استعجلت نضجه قبل أوانه،وقيسوا على” الفرن والكيكة “الكثير من أمور الحياة والعلاقات والأشياء من حولنا والتي تفسدها رغبتنا في السيطرة والتحكم أوالعجلة لنرى النتائج والأحكام المسبقة التي نطفيء بها نشوة إزدهار العلاقات وثرائها .
فضيفتي دائماً حسنة النية حين تتدخل فمرةً بنية الإشراف ومرة بنية المتابعة ومرة بنية الإطمئنان ومرةَ بنية التوجية، حتى أصبح التدخل عادةً وسمة في شخصيتها. حتى أنها فقدت الإحساس الضروري الذي يخبرنا عادةً بأن نتوقف، فهناك مراحل في كل أمر علينا التوقف فيها والتسليم وأن ندعها تكتمل من تلقاء قوانين الكون المُدبرة من الخالق! نماء الخبرات والعلاقات وحتى الأمنيات التي سعينا إليها بكل يقين يحتاج بعد جهودنا مساحة كافية ووقت ليتمازج ويتخمر وينضج،ليكبر ويتفرع ويتجذر ويزهر،التدخل يعيق النمو السليم! مٌكون النجاح السري بعد فعل الأسباب،في كل أمر تقصده هو الثقة واليقين بعدل الله وكرمه والتوكل عليه والتسليم لقضائه والطمأنينة لحكمته العالية سبحانه،بعد إدارة أمورك المُدركَة فوض بكل جارحة فيك وكل عاطفة وشعورمالاتُدرِكه إلى من يٌدرِك ولايُدرَك!وعند نضج الأمنية وتجذر العلاقة وتمام الخبرة أعني عندما تنضج الكيكة اطفيء الفرن،اخرجها احتفل بها واستمتع!.